كيف كانت الحياة قبل الإنترنت؟ ذكريات من زمن أهدى وأعمق
كتبه: فنون المعارف
فهرس سريع
مقدمة: لمّة البيت ورائحة الذكريات الوقت: يُتقاس باللحظات مو بالساعات التعلّم: من الكتب والسؤال التواصل: زيارات وعلوم رجال الترفيه: من الناس قبل الشاشات الانتظار: صبر يحلّي الأشياء القراءة: ببطء… وبقلب حاضر العمل والبيت: حدود واضحة الحب: يُكتشف على مهل الخلاصة: مو رجعة للماضي… توازن رسالة أخيرةأتذكّر لمّا كنت أجلس بصالة بيت جدي. نور أصفر هادي يعكس على الجدران البيضا، التلفزيون شغّال على قناة وحدة، وعلى الرف أشرطة فيديو مرتّبة. في الزاوية راديو قديم، وجدّي يقرأ على مهله، وجدّتي تمد لي تمرة وتقول: «خذ يا وليدي… بس لا تخلّص الصحن». ما عندي جوال، ولا أدري وش يصير بالعالم… والغريب إني ما كنت أملّ.
مو لأن كل شيء كان متوفر—بالعكس—لكن اللي كان موجود أعمق وأقرب للقلب. هنا بكتب لك عن ذيك الأيام، مو تنظير، بس ذكريات واحد عاش التحوّل.
الوقت: يُتقاس باللحظات مو بالساعات
يومنا ما كانت تتحكّم فيه الساعة، بل نهاية المباراة، ريحة الطبيخ، أو صوت الباب يوم يدخل الضيف. الجلسة مع الأهل طويلة، السواليف تمشي على رواق، والضحكة تمتد. كنت أعرف إن المغرب قرّب إذا الشمس مالت والوالدة بدأت ترتّب للعشاء وعيال الجيران طلّعوا الكراسي.
التعلّم: من الكتب والسؤال
إذا بغيت معنى كلمة—ما في «ترجمة فورية». فيه قاموس ثقيل وصفحاته مصفرّة. تفتّح عليه وتضيع بين كلمات تفتح لك أبواب ثانية. تدور على «سعادة» وتلقى «شوق» و«صبر» بطريقك. المعلومة كانت رحلة، عشان كذا تثبت وتفرّحك إذا وصلتها.
التواصل: زيارات وعلوم رجال
بدل «أونلاين»، كان فيه «متى نمرّ عليكم؟». لبسنا وطلعنا، طرّقنا الباب، «هلا والله تفضّل»، قهوة وسواليف من القلب. الوداع «الله يسلّمك، نشوفك على خير» مو «تمت». العلاقات تُبنى بالزيارة، مو بعدّ اللايكات.
الترفيه: من الناس قبل الشاشات
- كورة في الحارة لين نسمع أذان العشاء.
- حكايات الجدّة والحجاوي اللي ما تملّ.
- ألعاب مع عيال الجيران قدّام البيت.
- ليالي رمضان والسحور على أصوات خفيفة وضحك بسيط.
بالسطح نعدّ النجوم، نسميها بأساميّنا—even لو ما هي علمية—بس نحسّها حقتنا.
الانتظار: صبر يحلّي الأشياء
ننتظر رسالة، مباراة أسبوعية، مجلة شهرية. الانتظار ما كان عدو… كان شوق. وإذا جا الشيء، جت معه قيمة. الآن كل شيء «فوري»، بس الفوري أثره يروح بسرعة. اللي انتظرناه يظل بذاكرتنا.
القراءة: ببطء… وبقلب حاضر
كتاب واحد يمشي معك أسابيع. تقرأ صفحة وتوقف تفكّر، تكتب ملاحظة، ترجع له بكرة. ما نقرأ عشان نتصوّر مع الغلاف؛ نقرأ عشان نفهم ونحسّ.
العمل والبيت: حدود واضحة
الدوام دوّام، والبيت بيت. نرجع ونقفل على الشغل، لا إيميلات آخر الليل ولا اجتماعات فجأة. هالحدود كانت تعطي لكل شي معنى وراحة.
الحب: يُكتشف على مهل
لقاء في سوق، مناسبة عائلية، سؤال عن الأهل… علاقة تكبر خطوة خطوة. نكتشف بعض مثل كتاب ينقلب صفحة صفحة، مو «سحب سريع» ومعلومة جاهزة من بروفايل.
الحياة بدون إنترنت: مو محدودة… «متمركزة»
إيه كانت محدودة بالمكان، لكن غنيّة بالعلاقة. المعلومة أقل، بس الفهم أعمق. الإنترنت عطانا العالم—تعليم، طب، تواصل، فرص—لكن خذ منّا شوي من الهدوء والحضور والبساطة. المطلوب مو نرجع ورا؛ المطلوب توازن: نستخدمه بدون ما يستخدمنا.
رسالة من فنون المعارف
لو تحس وقتك يضيع بين الشاشات وعلاقاتك صارت أخف، تذكّر: كنت تعيش قبل الإنترنت… وتقدر تعيش معه بوعي. يوم واحد بدون نت، زيارة لصديق، كتاب، ورقة وقلم… ويمكن تكتشف إنك ما فقدت شي—بالعكس، لقيت نفسك.
محبتنا لكم — فنون المعارف