الخوف من الفشل: لماذا نهرب من المحاولة؟

الخوف من الفشل: لماذا نهرب من المحاولة؟

الخوف من الفشل: لماذا نهرب من المحاولة، وننسى أن السقوط جزء من الطيران؟

في لحظة صمت، بين دقات القلب وهمس الأفكار، كثير منا يسأل نفسه: "وش لو فشلت؟" سؤال بسيط… لكنه يحمل في طيّاته سجنًا نبنيه بأيدينا، ونضع مفاتيحه في جيب من يخافون أن يجرّبوا.

الخوف من الفشل مو ضعف. بل هو دليل أنك تُهمّك النتيجة. أنك ترى في نفسك إمكانية، وتخاف أن تُثبت العكس. وهذا في حد ذاته… شكل من أشكال الأمل المقنّع.

لماذا نخاف أن نسقط؟

لأننا تعلّمنا منذ الصغر أن "الناجح" هو اللي ما يخطئ. في المدرسة، الخطأ يُشطب باللون الأحمر. في البيت، أحيانًا يُقابل بـ"يا ليتك ما حاولت". وفي المجتمع، الفشل يُنظر إليه كعار، مش كتجربة.

فتجمّد فينا الجرأة. ونبدأ نبني حياتنا على "الآمن"، حتى لو كان "الآمن" يعني أننا نعيش نصف حياة.

"ما يخسركش أنك تحاول وتفشل… يخسرك أنك ما تحاول خايف من الفشل."

الفشل مو نهاية… هو بداية مُقنّعة

كل عظيم مرّ بلحظة شكّ. كل مخترع سمع "هذا مستحيل". وكل فنان عظيم رُفضت أعماله مرات قبل أن يُنظر إليها.

الفشل مو علامة على أنك لست كافيًا… بل علامة على أنك تجرّب شيئًا يستحق الجرأة. لو كان النجاح سهلًا، ما كان له طعم. ولو كان الفشل مدمرًا، ما كان أحد تجرّأ على الحلم.

الفرق بين اللي ينجحون واللي يستسلمون؟ مو أن الأولين ما يفشلون… بل أنهم يفهمون أن كل فشل يحمل درسًا، وكل درس يقرّبك من نسخة أقوى من نفسك.

وإذا فشلت… فماذا؟

تخيل لو سألت نفسك هذا السؤال بصراحة: "وش أسوأ شيء ممكن يصير لو فشلت؟" غالبًا الإجابة تكون: "راح يضحكوا عليّ"، أو "راح أحس بالخجل"، أو "راح أضيّع وقتي".

لكن… هل الضحك يستمر؟ لا. هل الخجل يدوم؟ لا. هل الوقت يُضيّع فعلاً؟ لا… لأنك اكتسبت خبرة، وفهمت حدودك، وعرفت من أنت أكثر.

الفشل الحقيقي مو في السقوط… الفشل الحقيقي هو أنك تقف مكانك خايف، وتخسر فرصة أن تعرف كم أنت قادر.

كيف نُهدّئ صوت الخوف؟

أولًا: غيّر لغتك الداخلية. بدل ما تقول "وش لو فشلت؟"، قل: "وش لو نجحت؟" وبدل "ما أقدر"، جرّب "أنا في طريقي أتعلّم".

ثانيًا: ابدأ صغير. ما تحتاج تغيّر حياتك دفعة واحدة. جرّب خطوة بسيطة… حتى لو كانت مجرد إرسال رسالة، أو طرح سؤال، أو كتابة فكرة على ورقة.

ثالثًا: احتفل بالمحاولة، مش بس بالنتيجة. لأن الشجاعة تُبنى بالتدريج… وكل مرة تحاول فيها، أنت تُعلّم نفسك أنك تستحق الفرصة.

الكمال وهم… والإنسان مش مطلوب منه أن يكون كاملًا

نعيش في زمن يُظهر النجاحات وكأنها تلقائية، والوجوه المثالية وكأنها طبيعية، والإنجازات وكأنها بلا كفاح.

فنشعر أننا لو ما كنا مثاليين، فنحن فاشلون. لكن الحقيقة؟ كل ناجح مرّ بليالي شكّ، وساعات تردّد، وقرارات خاطئة. بس ما توقف.

أنت مو مطلوب منك أن تنجح من أول مرة… أنت مطلوب منك أن تستمر.

الخوف من الفشل طبيعي… لكنه ما يقدر يعيش فيك إذا سمحت لنفسك أن تكون إنسانًا. إنسان يخطئ، يتعلم، ينهض، ويحاول تاني. لأن الحياة ما تُقاس بعدد المرات اللي وقفت فيها… بل بعدد المرات اللي قررت فيها أنك تنهض وتجرّب تاني.

جرّب… حتى لو رجعت خطوة، فأنت تمشي، وماشيتك أحسن من وقوفك.

تعليقات